هل من صلاح يحيا فيك؟

English Version

ترجمة: I.Z

أن نحيا حياة صالحة هى مهمة شاقة ومحاولات تحقيقها لا تنتهى.  إننا نكافح لكبح أعمالنا السيئة  ونجاهد لعمل أعمال حسنة وذلك يستحوذ على كل تفكيرنا و طاقتنا.  بالإضافة إلى ذلك فإننا  لا نعيش فى عالم حيادى، بل إن هذا العالم ملىء بالإغراءات والمتطلبات والمشاكل مما يستنفذ القليل المتبقى من طاقتنا للعمل على أن نحيا كما نعرف إنه ينبغى لنا أن نعيش.  هل يتفهم الله كفاحنا هذا؟  هل يتغاضى عن زلاتنا؟  أم أن الله يريدنا أن نختبر حياة مختلفة… حياة نملك فيها القدرة على فعل الصواب؟

الخلق

لقد خلق الله الإنسان بدون عيوب أو نقائص.  وكان أول البشر  آدم وحواء  كاملين.  كانا صالحين  ويرغبان فى عمل الصواب لأن جوهر الصلاح كان يحيا بداخلهما. لم يكن فيهما أى سوء أو شر.  وفى الحقيقة أن الكتاب المقدس يقول إنه بعدما خلق الله الإنسان قال إنه حسن.

منح الصلاح للإنسان حياة وهدف، ولكن لماذا لسنا بعد كما خلقنا الله لنكون؟

 

 

السقوط

منذ زمن آدم والعدو الشيطان  يعمل على تدمير ما صنعه الرب. لقد أغوى الشيطان آدم وحواء على عدم طاعة الله فسقطا فى غوايته. عندما لم يطع الإنسان الله حدث شيئان. أولا:  دخل الشر فى الإنسان، ومنذ ذلك الحين وكل إنسان يجاهد ضد الشر والسوء الساكن فيه  فهذه الطبيعة الفاسدة لم تكن جزء من خطة الله الأساسية للخليقة.  وثانيا: مات الخير بداخل الإنسان عندما لم يطع الله. نحن ندرك ما هو الصلاح ولكن الصلاح لا يحيا بذاته  بل علينا أن نبذل كل طاقتنا لعمل الخير والحيلولة دون أن يصدر الشر عنا.  إن الشر فينا يتغلب على الخير عندما نتعب أو نتعرض لمضايقات من أحد.  أما الخير فيحتاج إلى أن نبذل الجهد لتحقيقه.

فالزوج  -على سبيل المثال-  يعرف كيف ينبغى عليه أن يتصرف مع زوجته ويعرف أن عليه أن يحبها ويعاملها بلطف، ولكنه مع ذلك يفشل فى عمل الخير الذى يعرف أن عليه أن يعمله. وبالمثل فإن الآباء يحاولون أن يكونوا حساسين ومتفهمين تجاه أبناءهم ولكن الجانب السىء فيهم يظهر فى تعاملاتهم مع بعضهم.  وحتى الأطفال لا يحتاجون أن يتعلموا أن يكونوا سيئين.  فنحن باستمرار نوجههم ونعلمهم أن يكونوا صالحين ولكن بالرغم من كل مجهوداتنا فإنهم لا يزالون يخطئون ويبدو أنهم بطيئون فى تعلم الخير.

ماذا نستطيع أن نفعل للتحكم فى الشر فى حياتنا؟  كيف نستطيع أن نعيد الحياة للخير الذى بداخلنا؟

محاولات الإحياء

يقترح الناس طرق متنوعة لإحياء الخير فى حياتنا. البعض يقول إن الأساس هو المعرفة، فكلما تعلم الناس أكثر أمكن لهم أن يتغيروا للأفضل.  ولكن  بعض الناس يستعملون علمهم وذكاؤهم لتحقيق مآربهم والتلاعب بالآخرين. المعرفة لا تعيد الحياة للخير.

و آخرين يقولون أن الإنضباط هو الأساس.  فلو كنا أكثر إنضباطا فى حياتنا وأفكارنا وعاداتنا وممارساتنا لأمكن لنا أن نصير أفضل ونعمل ما هو حسن أكثر.  ولكن المقربون لنا يعلمون حقيقة ماهيتنا.  فمن خلال الإنضباط نستطيع أن نخلق عالما آخر فى عقولنا، ولكن الواقع هو أننا ما نزال نعيش فى هذا العالم.  و لقد أثبتت الممارسة مرارا عدم فاعلية الأنضباط فى أحياء الخير.

الدين هو خيار آخر،  فربما لو ذهبنا إلى الكنيسة أو الجامع أو المعبد أو حتى لو إتخذنا إتجاه دينى جديد، حينها قد نصبح أناس أفضل.  ولكن للأسف، ما نحصل عليه عادة من الدين ليس بداية حياة جديدة فى داخلنا  ولكن  نظرة مختلفة على العالم تتقادم مع الزمن.

و أخيرا، يقول البعض أن القانون هو الإختيار الأمثل للوصول إلى الخير.  فإذا كانت لدينا التشريعات التى تنظم سلوكياتنا وخاصة الأخلاقى منها فإننا سنصبح مواطنين وأناس أفضل.  و مع ذلك فإن القوانين تؤدى إلى تحجيم السلوك وليس إلى إرادة فعل الصواب. إن طبيعتنا البشرية تتحايل على القانون من خلال إيجاد إستثناء لبعض التصرفات وتبرير لبعض الأفعال.  القانون لن يعيد الخير للحياة فى داخلنا.

يمكن للمعرفة والإنضباط والدين والقانون أن يضيفوا الكثير لحياتنا لأن كل هذه الحلول تعمل على كبح جماح التصرفات السيئة ولكنها لن تستطيع إعادة الحياة للخير فى داخلنا.  إنها كلها مؤثرات خارجية ومتى توقفنا على التركيز في التحكم فى الشر داخلنا سقطنا فى حبائله من جديد.

هل سنكتفى بمحاولاتنا أن نكون خيرين جزء من الوقت فقط؟

هل نحن صالحين كما يجب؟

بما أنه من الصعب أن نكون خيرين كل الوقت فإن البعض يصل إلى القناعة بأنه هدف مستحيل.  يقولون أنهم يستطيعون أن يعملوا أعمالا كثيرة  حسنة  للتعويض عن الأعمال السيئة.   كما لو كانت أعمالنا توضع على الميزان  و مهمتنا هى أن نتأكد أن الخير فى حياتنا يفوق الشر.  و بذلك تصبح الحياة إختبار لقدرتنا على فعل الخير أكثر من الشر.

لقد خلقنا الله لهدف وليس لإمتحاننا.  الكتاب المقدس يقول أنه خلقنا للعمل الصالح.  لقد خلقنا الله لنعمل الصلاح وليس لإختبار ما إذا كنا سنعمل حسنات أكثر من السيئات. إن الحياة الحقة هى أن نحيا حياة صالحة تماما كما أرادها الله عند خلقه لنا.

ولكن بداية يجب أن يسترد الخير للحياة.

حياتنا هى كالكوب المملوء أكثر منها كالميزان. هى كوب ممتلىء تماما بكل الأعمال الصالحة التى أراد الله أن نعملها.  عندما نعمل عملا حسنا،  حتى وإن كان أكثر الأعمال صلاحا،  فإننا لا نضيف شيئا للكوب لأننا نعمل ما يجب علينا عمله وما أراد الله لنا أن نعمل.

و لكننا مرارا نأخذ مما فى الكوب وبذلك لا نحقق إرادة الله من حياتنا.  ويحدث ذلك عندما نعمل سيئا وأيضا عندما نفوت الفرصة لعمل عملا صالحا. ويحدث أيضا عندما نعمل عملا صالحا فقط لأنه يخدم أهدافنا و مصالحنا،  مثل أن أكون لطيفا مع شريك حياتي لأنى أريد أن أطلب منه أو منها شيئا ما فيما بعد.  بهذا الأسلوب نحن نبتعد عن خطة الله لنا بأن نكون حقيقة خيرين.  وعلى إمتداد حياتنا نستمر فى الأخذ من الكوب حتى ننتهى بفقدان الحياة الصالحة التى أرادها لنا الله.

إن رجاءنا الوحيد لكى نصبح أناس صالحين حقا هو فى الله  خالقنا.  كيف سيساعدنا الله ؟  ماذا فعل الله ليسيطر على الشر وليحي الخير؟

الحل الإلهى

إن الله يستطيع أن يعيد خلق كل الناس فى العالم بدون شر. ولكنه بدلا من ذلك راعى وحفظ خليقته. إختار أن يستخدم سلطانه بطريقة أخرى للتدخل فى حياتنا. سوف يقضى على سطوة الشيطان على الإنسان ويعطينا حياة جديدة حتى يستطيع الخير أن يحيا فينا من جديد.

إن العالم الذى خلقه الله هو ميدان المعركة بين الله والشيطان.  لقد أرسل الله يسوع إلى العالم ليواجه الشيطان و أعماله.  لقد ألقى الشيطان بكل حيله فى وجه يسوع الذى  أسىء فهمه  و تعذب على أيدى رجال فاسدين.  بالأكاذيب نطقوا عنه وفى النهاية إستخدم الشيطان سلطة ظالمة لقتل يسوع جزاء جرائم لم يقترفها.  أما يسوع فبإرادته تحمل كل هذا الشر، و لكن الشر لم يهزمه أبدا، فلم يرد ولو مرة واحدة عن شر بشر ولكنه إنتصر على الشر بالخير.

لقد خاض يسوع بكامل إرادته تجربة الموت الذى هو أقصى أسلحة الشيطان وشره وبإنتصاره عليه سحق الشيطان.  قيامة المسيح أظهرت أنه أقوى من أعظم أسلحة الشر والشرير.  فكان يسوع هو الحى الوحيد الذى كسر شوكة الموت والشر.

لقد أظهر يسوع أنه أعظم من الشيطان بكسر قبضة الشيطان القوية وإعطائنا الحياة.  يسوع  وحده  هو القادر على إحياء الخير فينا مجددا.

كيف يشاركنا يسوع معه فى سلطانه على الشر؟

إتباع يسوع

كان رجلا يتباهى بأنه أقوى من السجن و من كل حراس السجن.  عندما سمع حراس السجن بهذا الكلام ذهبوا للقبض على الرجل. لكن الرجل إختفى. فهل هو أقوى من حراس السجن أم لا؟

رجلا آخر تباهى بأنه أقوى من السجن ومن حراس السجن وعندما جاءه الحراس خرج إليهم وقابلهم، ألقوا القبض عليه وضربوه بشدة وربطوه ثم إقتادوه إلى أبعد زنزانة فى غياهب السجن وحبسوه داخلها وتركوا حراسا على الباب.  وجلس مأمور السجن فى مكتبه مع رفاقه يضحكون ويسخرون من الرجل وتفاخره.

و لكنهم لم يضحكوا طويلا، فسريعا سمعوا أصواتا من داخل السجن.  لقد حطم الرجل الأغلال  ودفع الباب ففتحه وألقى بالحراس جانبا ثم قام بفتح أبواب بقية الزنزانات وهو يقول :" كل من أراد مغادرة هذا السجن فليتبعني!"

خاف بعض المساجين إن هم تبعوه الآن ثم قبض عليه فإنهم سوف يتعرضون معه لعذابات أقسى مما سبق.  و لكن آخرين قالوا :"أنظروا، لقد فعلوا معه جل ما يستطيعون فعله وقد أظهر أنه أقوى منهم، فلنتبعه خارجا!"

و الذين تبعوه و ساروا معه كل الطريق إلى الخارج وجدوا أنه أشركهم معه فى قدرته على فتح أبواب الزنزانات وفى غلبته على الحراس فى الطريق وهكذا تبعوه كل الطريق إلى مملكته الصالحة.

لقد وعد المسيح بإحياء الخير فى داخل كل من يؤمن به ويقبله فى حياته. إنه هو نفسه السجين الذى ضرب ولكنه إستطاع أن يتغلب على سجن الشرير.  وهو يدعونا أن نتبعه إلى حياة  صالحة جديدة.

ماذا يحدث عندما نتبع المسيح؟

الحياة فى المسيح

عندما يحيى المسيح الخير فينا نصبح أحرارا فى إختيار الصواب. تصبح رغبتنا فى عمل الخير نابعة من داخلنا و ليس من الخارج. تزداد قدرتنا على فعل ما هو خير.  والكتاب المقدس يقول إننا نصبح أناس جدد.  الله هو مصدر حياتنا الجديدة.

ولكن ما تزال لدينا مشكلة،  فالإنسان القديم السيئ مازال يحيا فى داخلنا.  ولكن الله يعدنا أنه فى السماء سوف يزيل عنا ما هو ردىء  ويعيدنا إلى الحالة الأصلية التى خلقنا عليها.  وحتى ذلك الحين سيبقى داخلنا هذا الصراع بين الخير والشر.

سوف نواجه أيضا ضغوطا خارجية تدفعنا للتسوية الوسطية، لأن العالم الذى نعيش فيه ليس حياديا فإن الظروف والآخرين سيحاولون التأثير علينا حتى نتنازل.  فعلى سبيل المثال زملاؤنا فى العمل الذين لا يرغبون فى أن نخبر المسئول أو المدير أنهم يغشون فى الوقت أو يأخذون أشياء لا يجب أن يأخذوها من العمل سوف يرغبون فى أن نفعل نفس الأشياء حتى لا نخبر عنهم.  و الشيطان أيضا سوف يعارض حياتنا الجديدة ولأنه يريد القضاء علينا سوف يخدعنا بالأكاذيب.

كيف يمنحنا الله العون فى هذا الكفاح؟

الحياة المسيحية

لم يتركنا الله  لنعول أنفسنا.  إن الله لم يحيي فينا الخير بالمسيح يسوع فحسب و لكنه أيضا زودنا بأكثر مما نحتاج لنحيا هذه الحياة الجديدة.  لقد أعطانا الله ثلاثة عناصر هامة جدا لتحقق لنا معنى وتكمل حياتنا الجديدة وهى:  الكتاب المقدس، الروح القدس ومجتمع جديد يسمى الكنيسة.

الكتاب المقدس هو دليلنا فى الحياة والذى به نقاوم أكاذيب الشيطان.  فالكتاب المقدس لا يحتوى فقط على قانون الله الذى نفرح  ونتمسك به بإرادتنا ولكنه يحتوى أيضا على رؤية الله للحياة  وهذا العالم. الكتاب المقدس هو كلمة الله التى ترشدنا لفهم إرادة الله وبدونه نفقد توجهنا ورؤيتنا.  وحيث أننا لسنا حياديين فنحن نحتاج إلى كلمة الله لتوجيه أفكارنا.

الروح القدس هى روح الله الساكن فينا مذ قبلنا حياة جديدة فى المسيح.  إنه يخبر الإنسان الذى يحيا فى المسيح عن  أى أفكار وأفعال تتعارض مع إرادة الله.  إنه الله الحى الساكن فى داخل  هذا الشخص فلا يعد يخاف الشيطان و أرواحه النجسة.  وعندما ينصت هذا الإنسان إلى صوت الروح القدس فى داخله سيتخذ قرارات صائبة  وسيستطيع أن يتبع إرادة الله.

الكنيسة هى جماعة شعب الله.  نحن ننتمى إلى عائلة جديدة هى عائلة الله.  و جماعة المؤمنين تخدم عدة أهداف.  الكنيسة هى نموذج للحياة الجديدة فى المسيح  وتعطينا أيضا أمثلة عن أناس يتبعون الروح القدس حتى فى الحالات التى قد يدفعون فيها ثمنا باهظا لطاعتهم. هذه الأمثلة هى نماذج حية وإيجابية للإنسان الجديد فى المسيح.  الكنيسة تعطى التشجيع والتوجيه فى كفاحنا خلال الدروب الخطرة فى هذه الحياة حتى نحيا الحياة الجديدة.

إذا غاب أى من هذه العناصر الثلاثة فمن الممكن لإنسان جديد فى الحياة مع المسيح أن يسقط فى حبائل الشيطان.  إنه من المستحيل أن نقاوم الشر فى هذا العالم بدون المساعدة التى أعطاها الله لنا من خلال الكتاب المقدس والروح القدس والكنيسة.

هل تعدنا الحياة الجديدة فى المسيح لليوم الأخير؟

اليوم الأخير

إننا كثيرا ما نظن أن الله سيحكم علينا حسب عملنا من شر أو خير.  ولكن ما نعمله هو إنعكاسا لما يعيش فى داخلنا.  إن الله سيحكم على إذا ما كان فينا حياة جديدة منه.  إذا كانت لدينا هذه الحياة الجديدة فإن الله  سيمحوما هو ردىء فينا عندما يأتى يوم الدينونة.  سوف نرجع كما  خلقنا الله فى البداية وسوف يدخلنا إلى السماء.

 

 

 

وإذا لم تكن فينا هذه الحياة الجديدة من الله فإن مفهومنا عن الخير سوف ينزع عنا ثم نلقى إلى الجحيم المعد للشيطان وأرواحه الشريرة.

 

 

 

هل لك هذه الحياة الجديدة فى المسيح؟ هل تريد أن تكون إنسانا صالحا حقا؟

القرار لك

إن المزيد من الدين أو المعرفة أو الإنضباط أو القوانين لن تعطى الإنسان حياة جديدة.  يجب أن تكسر قوة الشيطان وتكون فيك حياة جديدة.  لا يستطيع نبى ولا دين ولا مرشد روحى أن يعطيك هذه الحياة الجديدة أو أن يحميك فعلا من الشيطان و أعماله الشريرة.

إن سبيلك الوحيد لكى تحيا حياة صالحة حقا يكمن فيما فعله المسيح لأجلك.  لقد عاش حياة مثالية و سمح لقوى الشر أن تميته و لكن  بقيامته  إنتصر عليها.  و الآن يسوع يريد أن يعطى حياة لكل من يطلب منه.  الكتاب المقدس يقول :" أما الذين قبلوه فأعطى لهم سلطانا أن يصيروا أبناء الله".  كل ما ينبغى عليك أن تفعله هو أن تطلب منه حياة جديدة وأن تثق بأنه سيعطيك.  إن كل من آمن به ولد من جديد وأصبح له إبنا!

روى أوكسنفاد

1998


الأسس المسيحية

الرد على الإسلام